عاما بعد عام يتحول العيد إلى دولاب ذكريات... في كل عام تضاف إلى أدراجه ذكرى جديدة، حتى افتقدت رائحته الجدة، وملأها عبق... رائحة كرائحة أوراق الكتب المصفرة... أضحى العيد شجرة عجوز جذورها راسخة، إلا أنها لا فروع لها
صباح العيد... لا يزال الوقت ليلا... ثياب جديدة... تكبير وتهليل... صلاة العيد وسط الجمع، وبعدها تبدأ الزيارات العائلية... لا يمكن أن يمر اليوم الأول دون زيارة أساسية... بل في الغالب تكون هي زيارة اليوم الوحيدة... بيت جدي وجدتي لأمي... نقضي اليوم معهما... نأكل سويا... نضحك ونلهو... ثم حين يحل المساء، يؤون أوان الرحيل... سنوات ثلاث مرت مذ رحل الجد، ولم تتم جدتي عامين قبل أن تلحق به، توسطهما في ذلك جدي لأبي، الذي كان يحتل مع بقية عائلة أبي زيارات اليومين الثاني والثالث في أغلب الأوقات... رحلوا وخلفوا صورا في دولاب العيد... صور بقيت شاهدة على ذكرى... ذكرى كتب لها أن تعيش
لا ترتبط كثيرا بالعيد قدر ما يرتبط العيد بها ويدفعها إلى السطح... منذ أن تركنا حينا القديم، حافظنا على عادة العودة إليه مرتين سنويا؛ لصلاة العيد في نفس المسجد الذي اعتدنا الصلاة فيه قبل ترك الحي... عادة عمقت من أثر المكان، وحفرت له في دولاب العيد مكانا خاصا... ترى وجوها اعتدت مرآها... أناس شبوا، وأشخاص شابوا... جدت وجوه، إلا أنك تشعر نحوها بحنين؛ فهم من نفس المكان الذي انتميت إليه... تربطك بهم صلة ما لا تفهمها... في هذا الركن كنت تلهو... ها هو حارس مرمى فريق الكرة في شارعك... كم بضائع اشتريت من هذا المتجر... الشوارع كما هي لم تتغير... دهمتها عوامل الزمن بالتأكيد، فانهدم قديم، واستحدث جديد، إلا أن الأصل باق... فيضان، بل إعصار ذكريات يجتاح كيانك، فتقف متسائلا، كم كيانا سيتحول إلى ذكرى بعد عشرة أو عشرين عاما قادمة؟ كم صورة ستضاف إلى الدولاب؟ وهل سيمكن للشجرة أن تنبت فروعها من جديد؟؟؟!
2 Comments:
وهي الحياة إيه غير ذكريات وشوية حاجات فوق بعضها
:)
عيد سعيد يا عبدو
على رأيك
شكرا يا مايكل
إرسال تعليق